شهدت ظاهرة الهجرة الدولية في السنوات الأخيرة اهتماما متزايدا، وتجاذبات سياسية وأكاديمية وأيدولوجية على أعلى مستوى ، غدتها الوقائع والتطورات و التوظيفات والاشكالات المختلفة التي طرحها ملف الهجرة الشائك والمعقد ، بمقاييسه المتداخلة محليا وإقليميا ودوليا .وبامتداداته الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والمجالية- الجغرافية والثقافية والاديولوجية ، وبرهاناته وتحدياته الجيوستراتيجية والجيوسياسية …. الخ .
والمغرب ونظرا لموقعه الجغرافي الاستراتيجي في الزاوية الشمالية الغربية للقارة الإفريقية ، وباعتباره أقرب نقطة للقارة الأوروبية ، شكل دائما هدفا ونقطة استراتيجية للمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء الراغبين في بلوغ القارة الأوربية . وفي السنين الأخيرة ونظرا للقوانين المتشددة الصادرة من طرف الاتحاد الأوروبي ، سيتحول المغرب من بلد عبور إلى بلد استقرار لهؤلاء المهاجرين ، وهو ما شكل ضغطا كبيرا على كل المستويات بالنسبة للدولة ، من الناحية السياسية والحقوقية وأيضا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وأيضا من ناحية الحكامة وتدبير هذا الملف . وهكذا سيصبح المغرب موضوعا تتجاذبه النقاشات الأكاديمية والسياسية والانفعالات الشعبية ، حول ما تبناه من إجراءات جديدة وفريدة في مجال الهجرة واللجوء ، والتي توزعت حولها وجهات النظر، بين تلك التي تتبنى التفسير من خلال ما هو داخلي ، وتلك التي تنحو إلى التفسير من خلال ما هو خارجي . هذا التجاذب لم يقتصر فقط على الجانب السياسي والحقوقي، بل شمل أيضا الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والهوياتية والقيمية … ، مستندا في طروحاته على المؤشرات الرقمية، وعلى المعطيات الإحصائية الخاصة بالتنمية البشرية في المغرب ، ومتأثرا أيضا بمنسوب كبير من الرمزية المرتبطة بالتمثلات والأفكار النمطية ، التي أصبحت تغزو المشهد الاجتماعي بخصوص المهاجرين وسياسة المغرب في هدا المجال . منسوب الرمزية هذا هو الذي سنناقشه في هذا المقال من خلال موضوع : “التمثلات الاجتماعية للمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء بالمغرب: نموذج مدينة تطوان” وهو الذي شكل موضوع بحثنا للحصول على شهادة الماجستير في الهجرة الدولية : المجال والمجتمع سنة 2017.