ملخص
لقد تميزت السنوات العشرون الأخيرة في تدهور كبير في البيئة الطبيعية العراقية ، ابتداءا بتلوث الهواء وانتهاءا بتلوث التربة والمياه ، لقد كبر حجم الكارثة البيئية في السنوات الاخيرة وخاصة بعد ثلاث حروب مدمرة افضت الى دمار هائل في مكونات البيئة الطبيعية حتى بات من غير الممكن للدولة العراقية وبأمكانياتها المتواضعة ان تقوم بوضع حلول منفردة دون المساعدة من دول الجوار المعنية مباشرة بالامر والمتضررة من هذا التدهور ، وبمساعدة واشراف المنظمات الدولية المعنية. لقد أظهرت الإستطلاعات الميدانية والقياسات التي أجراها فريق من مركز أبحاث اليورانيوم الأمريكي بالتعاون مع جهات علمية دولية أخرى، أجرى مسحأ موقعيأ لبعض مسارح العمليات العسكرية في وسط البلاد وجنوبها أن ارتفاع مستوى التلوث الإشعاعي في مناطق شاسعة من أجواء بغداد ومناطق جنوب العراق كان واضحأ حيث بلغ عشرة أضعاف المستوى الطبيعي . ومما يُذكر فإن 44% من أكاسيد اليورانيوم المتحررة تحتوي على دقائق بأحجام تقل عن 1 مايكرون، مما يجعلها سريعة الدخول في الحويصلات الرئوية والبقاء فيها. وقد أفادت دراسة عن حرب الخليج الثانية أن 33% من مخلفات غيمة أكاسيد اليورانيوم الناتجة عن تفجير دبابة أو مدرعة حديثة تدخل الرئة ولا تخرج منها. وقد لوحظ أن الشظايا التي تخلفها بعض الإطلاقات المنفجرة تنتشر على رقعة واسعة، لا سيما في مناطق الحقول والمزارع، مما يهدد بتلوث المياه السطحية والدورات الزراعية والغذائية بالإضافة إلى المياه الجوفية مع تقادم الوقت لقد وصلت مستويات الإشعاع في النبات والحيوان عام 1996 في البصرة 14 مرة أكثر من الكمية المحددة للسلامة المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية. و في مطلع عام 1992 إستغرب الأطباء في العراق من إرتفاع نسبة الولادات الشاذة ، حيث أن بعضها كان بشعأ وغريبأ وغير مألوف، ولم يتوقعوا رؤيته إلا في مصادر الكتب أو ربما مرة أو مرتين في الحياة. وقد ازدادت الإصابات بالسرطان وخصوصأ بين الصغار الذين هم أكثر حساسية للإشعاع من الكبار. وفي دراسة حول الإصابات بمرض السرطان أخذت عينة من الجنود العراقيين تتكون من 1400 جندي من الذين كانوا في أماكن ُقصفت بشدة قرب مدينة البصرة ، فظهرت زيادات مطردة بين عامي 1991 و1996 . فمثلأ مقابل عشر حالات إصابة بمرض إبيضاض الدم (لوكيميا) في عام 1991 كانت هناك 106 حالات عام1996. أما الإصابة بسرطان الدماغ فقد ارتفعت من حالة واحدة عام 1991 إلى40 حالة في عام 1996 . وقد عثر فريق مركز أبحاث اليورانيوم الأمريكي المشار إليه أعلاه خلال جولته على حالات من آلام المفاصل والرعاف والتهابات عصبية وآلام في الظهر واضطرابات في النظر وحرقة في البول لدى السكان القريبين من موقع الدروع المصابة، وهي أعراض تشابه أعراض التعرض الإشعاعي لقد أكد متخصصون بالأمراض السرطانية هذا العام, ارتفاع نسبة الإصابة بهذه الأمراض في المنطقة الجنوبية من العراق بنسبة كبيرة تراوحت بين 50 في المائة و100 في المائة في عدد من أنواع السرطان وقد يكون من ضمن المعالجات الضرورية التي من الممكن ان تقلل من تاثير التلوث باليورانيوم او تحد من تاثيراته السلبية هو تثقيف السكان للابتعاد عن المناطق الموبوءة او المبادرة الى الابلاغ عن المناطق الملوثة وهذا يتطلب جهود مشتركة بين الحكومة ووسائل الاعلام ولاشك بان لوسائل الإعلام أهمية كبيرة في الوقت الحاضر، لما لها من تأثير بارز في إدارة مجرى الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لاسيما في أثناء الأزمات والحروب والأوضاع الاستثنائية التي قد يمر بها أي بلد، الأمر الذي سينعكس بدوره على قيم واتجاهات المجتمع.إذ أصبح الإعلام في عصرنا الحديث من ضرورات الحياة المعاصرة، وان استخدامه في الدفاع عن الرأي والمعتقد وقضية الوجود أمر لا مفر منه، واذا تخلفت هذه الأداة فان الكثير من الحقوق تتشوه صورها أو تفقد أحقيتها، فالإعلام هو أداة لكشف الحقائق، فهو القادر على تعريفنا بكل ما يجري بعيدا عن الانظار. ويحاول بحثنا الاجابة على التساؤل التالي ماهي تاثيرات وسائل الاعلام في الحد من تلوث البيئة باليورانيوم وما هي الوسائل المستخدمة في تسليط الضوء على هذه الكارثة الانسانية وما مقدار الاستجابة لدى الراي العام
الكاتب
د.سعود عبد العزيز الفضلي
م.اقبال حسن حمادي
جامعة البصرة
العراق