29 تشرين الأول/ أكتوبر 2012 | جنيف - تتزايد الأخطار المحيقة بصحة الإنسان في ظل استمرار تغير المناخ في العالم. ويوضّح أطلس الصحة والمناخ (الأطلس) الذي اشتركت في نشره اليوم منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بعض التحديات الحالية والناشئة الأكثر إلحاحاً في هذا المضمار.
وتتأثر سنوياً صحة الملايين من الأفراد بموجات الجفاف والفيضانات والأعاصير. كما يمكن أن تسفر تقلبية المناخ والأحوال الجوية القاسية، كالفيضانات، عن اندلاع أوبئة وأمراض تودي بحياة ملايين كثيرة أخرى من الناس وتسبب لهم المعاناة، من قبيل الإسهال والملاريا وحمى الضنك والتهاب السحايا. ويورد الأطلس أمثلة عملية على كيفية التمكن من حماية الصحة العمومية بالاستفادة من المعلومات المتعلقة بأحوال الطقس والمناخ.
وتقول المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية السيدة مارغريت تشان، إن “تدابير تدارك المخاطر والتأهب لمواجهتها تندرج في صميم الصحة العمومية، وإدارة المخاطر هي زادنا اليومي. وما المعلومات المتعلقة بتقلبية المناخ وتغيره إلا أداة علمية رصينة تساعدنا في إنجاز هذه المهام، فوقع المناخ كبير على حياة الناس واستمرارهم في البقاء. ويمكن أن تؤثر خدمات المناخ تأثيراً كبيراً على تحسين حياتهم هذه التي يمكن الارتقاء بمستواها أيضاً بتحقيق نتائج صحية أفضل.”
ولا تزال الخدمات المناخية حتى الآن من الموارد التي يتدنى مستوى الاستفادة منها في مجال الصحة العمومية.
وتحدث السيد ميشيل جارو، المدير العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، قائلاً إن “تعزيز التعاون بين الأوساط المعنية بالأرصاد الجوية ونظيرتها المعنية بالشؤون الصحية أمر ضروري لضمان دمج المعلومات المحدثّة والدقيقة والمهمة عن أحوال الطقس والمناخ في إدارة الصحة العمومية على الصعيدين الدولي والوطني والصعيد المحلي. وهذا الأطلس إنما هو مثال مبتكر وعملي على السبل الكفيلة بتمكيننا من العمل معاً من أجل خدمة المجتمع.”
وتبرز بوضوح الصلات القائمة بين الصحة والمناخ بفضل الخرائط والجداول والرسوم البيانية العديدة المجمعة في الأطلس، وذلك على النحو التالي:
- يمكن في بعض المواقع أن تتباين معدلات الإصابة بالأمراض المعدية، كالملاريا وحمى الضنك والتهاب السحايا والكوليرا، بما يزيد على 100 مرة بين المواسم، وبأكثر من ذلك بكثير فيما بين السنوات، وذلك رهناً بأحوال الطقس وظروف المناخ. ويمكن لتعزيز خدمات المناخ في البلدان الموطونة بالأمراض أن يساعد على التنبؤ باندلاع الأوبئة وشدتها ومدتها.
- توضّح دراسات الحالة فضل التعاون بين خدمات الأرصاد الجوية وخدمات الطوارئ والخدمات الصحية في إنقاذ الأرواح بالفعل. وقد خُفِّضت مثلاً أعداد الوفيات الناجمة عن الأعاصير بمعدلات كثافة مماثلة في بنغلاديش من حوالي 000 500 وفاة في عام 1970 إلى 000 140 وفاة في عام 1991 وإلى 000 3 وفاة في عام 2007 – ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى تحسين نظم الإنذار المبكر بالمخاطر والتأهب لمواجهتها.
- موجات الحر القائض التي يُتوقع أن تحدث حالياً مرة واحدة فقط خلال 20 عاما هي موجات قد يتواتر حدوثها في المتوسط خلال مدة تتراوح بين سنتين و5 سنوات بحلول منتصف هذا القرن. وسيتضاعف في الوقت نفسه عدد المسنين المقيمين في المدن (وهم من أكثر الفئات عرضة لخطر الحرارة القائضة) إلى أربعة أمثال تقريبا في العالم، أي من 380 مليون مسن في عام 2010 إلى 1,4 مليار مسن في عام 2050. ويمكن أن يؤدي التعاون بين الخدمات الصحية والخدمات المناخية إلى اتخاذ تدابير رامية إلى تزويد الأفراد بحماية أفضل خلال فترات الأحوال الجوية القاسية.
- من شأن التحول إلى استخدام مصادر الطاقة النظيفة في المنزل أن يفضي على السواء إلى الحدّ من تغير المناخ وينقذ أرواح ما يقرب من 000 680 طفل سنويا بفضل الحد من تلوث الهواء. كما يبيّن الأطلس السبل الكفيلة بتمكين خدمات الأرصاد الجوية والخدمات الصحية من التعاون على رصد تلوث الهواء وتبعاته الصحية.
- علاوة على ذلك، تبيّن هذه الأداة الفريدة من نوعها كيف تتشكل العلاقة القائمة بين الصحة والمناخ بفعل مواطن الضعف الأخرى، كتلك التي يخلقها الفقر، وتدهور البيئة، وهشاشة البنية التحتية، وخاصة بنية المياه والإصحاح.
الإطار العالمي للخدمات المناخية
يجري إصدار الأطلس في دورة استثنائية يعقدها المؤتمر العالمي للأرصاد الجوية في جنيف بسويسرا من 29 إلى 31 تشرين الأول/ أكتوبر. وسوف يناقش المؤتمر هيكل إطار المشروع العالمي للخدمات المناخية وتنفيذ هذا الإطار.
وهذا الإطار هو عبارة عن مبادرة مقدمة على نطاق منظومة الأمم المتحدة تقودها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لتعزيز تقديم الخدمات المناخية لصالح المجتمع، وخصوصا أكثر فئاته ضعفاً. ويمثل القطاع الصحي واحداً من أعلى الأولويات الأربع، جنبا إلى جنب مع الأمن الغذائي وإدارة موارد المياه والحد من مخاطر الكوارث.
ويمكن استخدام المعلومات المناخية لحماية الصحة، من خلال الحد من المخاطر والتأهب لمواجهتها والتصدي لها في جميع البلدان، بالتلازم مع جني فوائد كبرى لأغراض بلوغ النتائج الصحية وتحقيق التنمية.
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية هي الهيئة المرجعية التابعة لمنظومة الأمم المتحدة والمعنية بالطقس والمناخ والمياه.